أنا شريك مع إخواني في محل تجاري كبير به بضاعة بمبلغ مليون جنيه، وعلي ديون وأعول أسرة.. فهل علي زكاة؟ وكيف أخرجها؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيقول الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}، والزكاة حق مفروض في أموال الأغنياء؛ مواساة للفقراء ومعاونة لذوي الحاجات وتقوية لأواصر المودة بين الأغنياء والفقراء وتطهيرًا للقول وتزكية للنفوس؛ حيث إنها تطهر نفوس الأغنياء من الشح والبخل، ونفوس الفقراء من الحقد والحسد والكراهية والبغضاء.
والصلاة والزكاة فرضتا على أمم الأنبياء السابقين كما حكى القرآن الكريم ذلك حيث يقول بعد ذكر سيدنا إبراهيم والأنبياء بعده: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين}. والزكاة وإن كانت فريضة محكمة فإنها لا تجب إلا بشروط محققة وضوابط محددة من أهمها أن يكون المال نصاباً وحال عليه الحول زائداً عن الحوائج الأصلية وخالياً من الديون.
وأقول للسائل: احسب ما عليك من الديون وما تنفقه على أسرتك التي تعولها، واطرح كل هذا من الأموال والبضائع التي عندك، فإن تبقى لك بعد هذا مقدار النصاب أو يزيد وجبت عليك الزكاة في هذا الجزء الباقي بعد الخصم بواقع 2.5%، أي تخرج عن كل ألف خمسة وعشرين جنيهاً. وضع نصب عينيك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه ما نقص مال من صدقة ولا ظُلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر}. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
المحرر: النِّصاب هو المِقدار المحدد الذي إذا زاد المال عنه وجبت فيه الزكاة، وإذا كان المال أَقل مِنه لم تجب فيه زكاة، وإن من الشروط الواجب توافرها في الأموال الخاضعة للزكاة بلوغ النصاب، وينطبق ذلك على النقود والذهب والفضة وعروض التجارة والأنعام، وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الذهب لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ عشرين دينارا فإذا بلغ عشرين دينارا ففيها نصف دينار، والورِق - أي الفضة - لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم).
ونصاب الذهب عشرون مثقالا وتساوي (85) جراما من الذهب الخالص، ونصاب الفضة مائتا درهم وتساوي (595) جراما من الفضة الخالصة، والنصاب في زكاة عروض التجارة هو ما قيمته (85) جراما من الذهب الخالص، وللأموال الزكوية الأخرى أنصبتها، ويخضع للزكاة مقدار النصاب وما زاد عنه.
أما ما دون النصاب فليس وعاءً للزكاة وهو معفو عنه, ويكفي أن يكتمل النصاب في طرفي الحول, ولا يضر نقصانه أو انعدامه خلال الحول، ويضم المستفاد من المال خلال الحول إليه عند الحنفية والمالكية وهو أيسر في التطبيق وأبعد عن التعقيد ولقد أخذ به جمهور الفقهاء.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر