أعرف رجل فقير معدم يعول أسرة كبيرة وأعطي له زكاتي كل عام مرة واحدة لكنني وجدت أنه يستفيد من المال الذي أعطيه له في فترة معينة فقط وباقي العام يعاني الظروف الصعبة فهل يجوز أن أُقسِّم زكاة مالي على عدد شهور السنة، أُخرج كل شهر مبلغ محدد أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن تبع هداه وبعد:
فإحساسكِ أيها الأخ بالغير شُعور مَشكور، وانخراطك النفسيّ في مشاكل الغير والتفكير في طريقة حلِّ هذه المشاكل اهتمام بأمر المسلمين، والاهتمام بأمر المسلمين شاهد لصاحبه على أنه مِنهم، وهذا يُفهم مِن قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن لمْ يَهتمَّ بأمْرِ المسلمين فليس منهم".
لكن الدين أيها الأخ ليس بالرأْي، وإنما هو بالأخذ عن كتاب اللهِ وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان الدين بالرأي لكان باطنُ الخُفِّ أولَى بالمَسْح مِن ظاهره، هكذا وَضَّح الإمام عليٌّ. إن الدين طاعة لأمر الله وانقياد لشرْعه.
إن الزكاة واجبة على الفور متى بلَغ المالُ المُزكَّى النِّصاب وحال عليه الحول، وأرجو أن تُنْصت جيِّدًا لقول الله: (وآتُوا حَقَّه يومَ حَصادِهِ) وعليه فزكاة مالِكِ تُخرَج يوم انتهاء الحول عليها وهي بالغةُ النِّصاب. ولو أخرتها وجزأتها على أشهر السَّنة بعد حولان الحول فقد تراخيتِ في إخراجها، والتراخي تقصير في حق الله. لكن إذا كنت تُريد إخراج زكاة المال قبل أن يَحول عليه الحول، وقسَّمت مبلغ الزكاة القادمة على شهور السنة، بحيث يكون آخرُ قسط هو آخرَ الحول، فلا بأس، بناءً على أن بعض الفقهاء يُجيز إخراج الزكاة مُقدَّمًا.
وليس بخافٍ أن مَن رأى مِن الأئمة عدمَ جواز إخراج الزكاة مُقدمًا بَنَى رأيه على أن الزكاة ليست هي الواجبَ الوحيدَ في المال، وإنما هناك وُجوهٌ للبرِّ تَقِي مَصارع السُّوء، يُخرجها الإنسان إذا رأى ذوي الحاجات وتأثَّرت نفسُه لهم، وفي هذا توسيع لدائرة التكافُل والتراحُم.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر