هل يجوز أن تخرج زكاة المال في إنشاء المجلات الإسلامية التي تدعو للإسلام والمشروعات العلمية الإسلامية والمكتبات العامة التي تختص بكتب الشريعة وتبليغ الدعوة وكذلك المراكز الإسلامية في بلاد غير المسلمين بالقيام وشئون الدعوة الإسلامية ونحو ذلك بما فيها من مرتبات للدعاة والقائمين عليها وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتحفيظ القرآن لأبناء المسلمين بتلك البلاد ونحو ذلك وإذاعة البرامج عن طريق وسائل الإعلام المختلفة واستعمال الوسائل الإلكترونية وغير ذلك..؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فقد فرض الله الزكاة على المسلم الغني الذي يمتلك نصابًا أو ما زاد عنه، والنصاب هو (85 جراماً من الذهب عيار 21) بشرط أن يمر عليه عام هجري ،وهو في ملك صاحبه بشروطه الشرعية، وحدد مصارف هذه الزكاة في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60].
لقد ورد في الآية الكريمة مصرف " في سبيل الله"، وما عليه جماهير الفقهاء من عدم جواز الصرف من خلاله إلى عموم مصالح المسلمين، من إنشاء الطرق والمستشفيات والمدارس والمساجد ونحو ذلك، بل هذه المصالح يوقف لها الأوقاف أو يتصدق عليها بالصدقات المختلفة سوى الزكاة.
أما كلمة "وفي سبيل الله" فتشمل القيام بشئون الدعوة من تبليغ الدين للمسلمين ولغير المسلمين، سواء بالسنان أو باللسان، فالسنان نلجأ إليه في وقت الصدام المسلح لدفع العدوان أو رفع الطغيان كما أمرنا ربنا في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) [البقرة: 190]، واللسان نلجأ إليه في حالة السلم والتفاهم والحوار بين الناس وكلاهما يجوز دفع الزكاة للقيام به. وهذا هو حقيقة الجهاد في هذا العصر.
وهو ما يجعله غير مقصور على حالة الحرب، بل إنه مفهوم روحي يتعلق بعلاقة الإنسان بربه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت: 69] وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج: 77-78].
وبناء على ما سبق وفي واقعة السؤال:
فإنه يجوز إخراج أموال الزكاة لإصدار المجلات الإسلامية، والمكتبات العامة التي تنفع طلبة العلم، والمراكز الإسلامية في القيام بمهامها، وطباعة الكتب الدعوية، ونحو ذلك مما يقوم به أمر الدعوة إلى الله بأي صورة كانت، مما هو مذكور في السؤال أو غير ذلك من الصور، سوء في أوساط المسلمين أو في أوساط غير المسلمين.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي مصر