لي قريب توفاه الله لم يتزوج ولم ينجب وكان خلال حياته متلقيًا لمبلغ نصف سنوي من أقاربه الميسورين كمصرف من مصارف الزكاة والصدقة، وكان هذا المبلغ إلى جانب معاش شهري بسيط هو كل دخله. فلما توفاه الله اكتشف أقاربه وجود مبلغ كبير في حساب مصرفي باسمه وقد تم دفع ديونه لذا أرجو الإفادة عن مدى شرعية توريث المبلغ المتبقي إلى ورثته (أخواته وأخوه)، أم يجب إخراج المبلغ كله لوجه الله، علمًا بأن ليس كل الورثة كانوا يشاركون في المبلغ نصف السنوي المقصود به إعالته، وأن قريبًا آخر ليس ممن لهم شرعًا حق الميراث كان يشارك بالجزء الأكبر من هذا المبلغ.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
أولاً: ما ورد في السؤال من تحديد مصادر الدخل لهذا القريب الذي أدركته المنية، تتلخص مصادر الدخل في الآتي:
1. المعاش الشهري.
2. الزكاة من الميسورين.
ثانياً: إذا كان المعاش الشهري مثل ما ورد في السؤال وصفه بأنه كان (بسيطًا) وعليه فإن هذا القريب قد كان من مستحقي الزكاة، في حالة عدم وفاء المعاش الشهري لتكاليف نفقات حياته.
ثالثاً:الحقوق المتعلقة بتركة هذا القريب بعد وفاته تتلخص في الآتي:
1. تجهيزه وتكفينه ودفنه.
2. سداد ديونه.
3. تنفيذ وصاياه إن كانت له وصايا.
4. ما يتبقى بعد هذه الثلاث يكون هو التركة التي يتم توزيعها على أصحاب الفروض والعصبات لقوله تعالى:
"لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا" (النساء : 7).
رابعاً: هذا المال ما دام قد تملكه صاحبه في عين حياته بأسباب مشروعة، ورد النص عليها بكونها (معاش شهري بسيط زائد الزكاة) لا إثم في إرثها ولا حرج في تملك ما يحدده الشرع من نصاب فيها، وإن كانت هذه الأموال مصادر بعضها من الزكاة، وإن كان بعض المستحقين لهذه التركة ممن كانوا قد تصدقوا بها عليه في عين حياته ولجهالة عين مال الزكاة.
خامساً: قد يكون أصل المال حلالاً لمن تملكه بينما يكون حرامًا لغيره، لكن بالأسباب المشروعة يعود المال إلى يد من قدمه أولاً.
سادساً: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، تناول شيئًا في أصله حرام عليه، ولكن حدث أمر جديد تفرع عنه رفع حكم الحرمة وثبوت الحل ومن ذلك الصدقة.
فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عن طعام فقالوا: لا يوجد إلا لحم لبريرة، وبريرة هذه كانت أمة في بيت النبوة -وكانت فقيرة معدمة من مستحقي الزكاة والصدقة- فقدم إليها لحم على أنه صدقة، فقيل له صلى الله عليه وسلم: لا يوجد إلا لحم لبريرة، فتناول منه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "هو لها صدقة ولنا هدية".
سابعاً: وقد ورد أن بعض الصحابة أهدى إلى أحد أبويه هدية، وأدركت المهدى إليه المنية، وآلت هذه الهدية من تركة المهدى إليه المتوفى إلى من أهداها ميراثًا، ومن المعلوم شرعًا أنه لا يجوز الرجوع في الهدية إلا أنه في هذه الحالة لم يسترد هديته، وإنما ردها الله تعالى إليه بهذا السبب المشروع من أسباب التملك، وهو الميراث، وعليه يقاس ما ورد في السؤال مما عد أشكالاً من كون بعض ورثة المتوفى ممن كانت لهم اليد العليا على المتوفى، وهاهم الآن من ورثته.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين