تم دفع مجموعة كبيرة من التبرعات، وذلك بغرض مساعدة فقراء أيتام المسلمين في بعض الدول الأخرى وتعليمهم العلم الشرعي، وذلك عن طريق شخص قد كُلِّفَ بصفته وكيلاً بهذا البلد لصرفها حسب المصارف الشرعية. فهل يحق لهذا الشخص أن يصرف هذا المال في جهة أحرى غير التي حددها المتبرعون؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.
فالأموال التي جمعت من أهل الإحسان من أجل ذلك البلد المسلم، يجب أن تصرف في فقراء اليتامى كما ذكر، وكذلك تعليم أبنائه العلم الشرعي كما هي نية المتبرع، وإذا لم يحدد المتبرع جهة بعينها في ذلك البلد، وإنما تبرع من أجل الفقراء فقط، فإنه لا يجوز حصر هذا التبرع في جهة واحدة. وعلى الوكيل وضع هذه الأموال في وجوهها الحقة، وحسب نية المتبرع.
وإذا قصد المتبرع بصدقته أهل هذا البلد فإنها تصرف فيهم دون تحديد جهة بعينها، وإذا حدد له المتبرع جهة ما، أو باباً من أبواب الصدقة كتعليم العلم أو كفالة الأيتام فلا يجوز صرفه إلى غيره لأن الوكيل لا يجوز له أن يتصرف من عند نفسه بغير إذن موكله، فإن قال متصدق أو محسن لوكيله أنفق هذا المال على الأيتام فلا يجوز للوكيل أن يصرفه في غيرهم، وإذا حدد له يتيماً بعينه وجب عليه أن يوجه المال إليه دون سائر الأيتام وهكذا، وليس للوكيل أن يتصرف من عند نفسه دون الرجوع إلى موكله.
أما إن إذا لم ينص الموكل على التحديد فيمكن للوكيل أن يجتهد فيما لم ينص عليه موكله.
عَنْ أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس رَضيَ اللَّه عَنْهُم، وهو وأبوه وجده من الصحابة، قَالَ: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقَالَ: واللَّه ما إياك أردت! فخاصمته إِلَى رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم فقَالَ: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وفي هذا دليل على أن الوكيل الذي لم تعين له جهة بعينها أن يجتهد في وضع المال فيما يرى فيه الخير كما أن الوكيل له حرية التصرف فيما أوكل إليه بما يصلح شأن المال وله أن يوكل من يشاء ممن تتوفر فيه الأمانة، وله أن يقيل وكيله أو أن يبدله بوكيل آخر بحسب ما تقتضيه الأمانة والمصلحة.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق رئيس لجنة تحقيق التراث الإسلامي بالكويت