هل يمكن للمسلم دفع الزكاة قبل ميعادها وذلك من أجل مصلحة ضرورية لأحد الفقراء في بلده الأصلي؟ وهل لو دفعها يجب عليه أن يدفعها ثانية أم تكفيه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيجوز تعجيل الزكاة - أي إخراجها قبل موعدها - إذا كانت مما يشترط فيه الحول، وهذا مذهب الجمهور، وخالفهم المالكية.
أما ما لا يشترط فيه الحول - كالزروع والثمار - فلا يجوز تعجيله عند الجميع، وإن دفعت الزكاة على هذا النحو فلا يدفعها المسلم عن هذا العام مرة أخرى.
جاء عن الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
1. ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو عبيدٍ وإسحاق، إلى أنّه يجوز للمزكّي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد وجوبها، لما ورد {أنّ العبّاس سأل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ، فرخّص له في ذلك. وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر: إنّا قد أخذنا زكاة العبّاس عام الأوّل للعام}.
2. إلاّ أنّ الشّافعيّة قالوا: يجوز التّعجيل لعامٍ واحدٍ ولا يجوز لعامين في الأصحّ لأنّ زكاة العام الثّاني لم ينعقد حولها. واشترطوا لجواز ذلك أن يكون النّصاب موجودًا، فلا يجوز تعجيل الزّكاة قبل وجود النّصاب، بغير خلافٍ، وذلك لأنّ النّصاب سبب وجوب الزّكاة، والحول شرطها ولا يقدّم الواجب قبل سببه، ويجوز تقديمه قبل شرطه، كإخراج كفّارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث، وكفّارة القتل بعد الجرح وقبل الزّهوق.
3. وتوسّع الحنفيّة فقالوا: إن كان مالكًا لنصابٍ واحدٍ جاز أن يعجّل زكاة نصبٍ كثيرةٍ لأنّ اللّاحق تابع للحاصل. والشّافعيّة أجازوا ذلك في مال التّجارة لأنّ النّصاب فيها عندهم مشترط في آخر الحول فقط لا في أوّله ولا في أثنائه.
4. وقال الحنابلة: إن ملك نصابًا فقدّم زكاته وزكاة ما قد يستفيده بعد ذلك فلا يجزئه عندهم. وقال الحنفيّة، وهو المعتمد عند الشّافعيّة: إن قدّم زكاته وزكاة ما قد ينتج منه، أو يربحه منه، أجزأه لأنّه تابع لما هو مالكه الآن.
5. وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أخرج زكاة الثّمار أو الزّروع قبل الوجوب، بأن دفع الزّكاة من غيرها لم يصحّ ولم تجزئ عنه. وكذا لا تجزئ زكاة الماشية إن قدّمها وكان هناك ساعٍ يأتي لقبضها فأخرجها قبل قدومه. أمّا زكاة العين والماشية الّتي ليس لها ساعٍ فيجوز تقديمها في حدود شهرٍ واحدٍ لا أكثر، وهذا على سبيل الرّخصة، وهو مع ذلك مكروه والأصل عدم الإجزاء لأنّها عبادة موقوتة بالحول.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- مجموعة من الباحثين