هل يمكن لي دفع الزكاة في المال الذي حصلت عليه من تعاملات ربوية أم ماذا أصنع بهذا المال ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فقد جاء عن الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
المال الحرام كالمأخوذ غضبًا أو سرقةً أو رشوةً أو ربًا أو نحو ذلك ليس مملوكًا لمن هو بيده، فلا تجب عليه زكاته ; لأنّ الزّكاة تمليك، وغير المالك لا يكون منه تمليك ; ولأنّ الزّكاة تطهّر المزكّي وتطهّر المال المزكّى لقوله تعالى: { خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها } وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: { لا يقبل اللّه صدقةً من غلولٍ }.
والمال الحرام كلّه خبث لا يطهر، والواجب في المال الحرام ردّه إلى أصحابه إن أمكن معرفتهم وإلاّ وجب إخراجه كلّه عن ملكه على سبيل التّخلّص منه لا على سبيل التّصدّق به، وهذا متّفق عليه بين أصحاب المذاهب.
قال الحنفيّة: لو كان المال الخبيث نصابًا لا يلزم من هو بيده الزّكاة ; لأنّه يجب إخراجه كلّه فلا يفيد إيجاب التّصدّق ببعضه.
وفي الشّرح الصّغير للدّردير من المالكيّة: .تجب الزّكاة على مالك النّصاب فلا تجب على غير مالكٍ كغاصبٍ ومودعٍ وقال الشّافعيّة كما نقله النّوويّ عن الغزاليّ وأقرّه: .إذا لم يكن في يده إلاّ مال حرام محض فلا حجّ عليه ولا زكاة، ولا تلزمه كفّارة ماليّة.
وقال الحنابلة: التّصرّفات الحكميّة للغاصب في المال المغصوب تحرم ولا تصحّ، وذلك كالوضوء من ماءٍ مغصوبٍ والصّلاة بثوبٍ مغصوبٍ أو في مكان مغصوبٍ، وكإخراج زكاة المال المغصوب، والحجّ منه، والعقود الواردة عليه كالبيع والإجارة.
وعلى القول بأنّ المال المغصوب يدخل في ملك الغاصب في بعض الصّور كأن اختلط بماله ولم يتميّز فإنّه يكون بالنّسبة للغاصب مالًا زكويًّا، إلاّ أنّه لمّا كان الدّين يمنع الزّكاة، والغاصب مدين بمثله أو قيمته، فإنّ ذلك يمنع الزّكاة فيه.
قال ابن عابدين: من ملك أموالًا غير طيّبةٍ أو غصب أموالًا وخلطها، ملكها بالخلط ويصير ضامنًا، وإن لم يكن له سواها نصاب فلا زكاة عليه فيها وإن بلغت نصابًا لأنّه مديون وأموال المدين لا تنعقد سببًا لوجوب الزّكاة عند الحنفيّة، فوجوب الزّكاة مقيّد بما إذا كان له نصاب سواها، ولا يخفى أنّ الزّكاة حينئذٍ إنّما تجب فيما زاد عليها لا فيها. ثمّ إنّ المال المغصوب الّذي لا يقدر صاحبه على أخذه لا زكاة عليه فيه، ومتى قدر صاحبه عليه فقيل: ليس عليه زكاة لما مضى من السّنين لأنّه كان محجوزًا عنه ولم يكن قادرًا على استنمائه (تنميته) فكان ملكه ناقصًا، وقيل: عليه زكاته لما مضى، وهذا مذهب الشّافعيّة في الجديد.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- مجموعة من الباحثين