أنا رجل أعمل بالاستثمار في العقار، ولقد حل موعد الزكاة ولكن العقارات التي أمتلكها وأستثمر فيها لم تَسِل إلى الآن، وأقصد بأني أريد أن أبيع العقارات حتى أمتلك سيولة لأدفع بها الزكاة، حيث إني أستثمر أموالي بشراء العقار، ومن ثَم بيعه خلال أشهر، ولكن السوق تعاني من ركود وعدم بيع ولدي مبلغ معين، ولكن كيف أزكي والعقارات التي أستثمر أموالي بها لم أبعها حتى الآن؟ وبنفس الوقت لدي قسط عقاري يحل بعد شهور فإذا دفعت الزكاة قبل بيع العقارات فإن أموالي لن تكفي للقسط الذي سيحل، فهل أتأخر في دفع الزكاة حتى أسيل عقاراتي خلال أشهر وأبيعها، ومن ثَم أستطيع أن أدفع الزكاة دون إحراج من وجود قسط مستحق عليّ قد أطالب به قانونيًّا؟ وهل آثم لتأخري؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول فضيلة الشيخ جعفر الطلحاوي من علماء الأزهر الشريف:
أولاً: لا يجوز تأخير إخراج الزكاة عن موعدها ما دامت وجبت؛ إذ حبس الزكاة يؤدي إلى الحبس عن دخول الجنة؛ إذ الجزاء من جنس العمل، وقد ورد في الصحيح: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان يصلي بأصحابه فلما انفلت من صلاته قام مسرعًا إلى حجرة من حجراته حتى عجب الصحابة من سرعته، فلما عاد ورأى ما بهم من العجب، قال: "ذكرت شيئًا من تبر فخشيت أن يحبسني فأمرت بإخراجه"، وعلى هذا فلا يجوز التأخر في إخراج الزكاة عن موعدها لهذا الحديث الصحيح.
ثانياً: الأولى بك المسارعة إلى إخراج الزكاة وليكن لسان حالك يقول ما قال كليم الله: {وعجلت إليك ربي لترضى} (طه: 84).
ثالثاً: على أنه يجوز إخراج الزكاة قبل اكتمال الحول، لما قد ورد أن النبي صلى الله قد أخذ زكاة أموال عمه العباس لسنتين مقدمًا، فينبغي لك أن تراعي حق الله عز وجل وتسارع إليه طلبًا لمغفرته ورضوانه، قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} (آل عمران: 133).
رابعاً: أما عما ذكرت من قرب حلول أقساط عليك وأنك إذا أخرجت الزكاة حال ذلك بينك وبين سداد القسط، فاعلم أن الأرزاق بيد الله تعالى وبامتثالك للنصوص التي ذكرناها سابقًا بالمسارعة لإخراج الزكاة ما دامت قد وجبت فتلك وسيلة إلى الله تعالى بتفريج الكروب، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"؛ ولقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا} (الطلاق: 2 -3).
خامساً: على أنك بهواجسك لقرب حلول القسط وبإخراج زكاة ما تتمكن من سداد القسط، فذلك بنظرتك إلى لحظتك الآتية، وواقعك المعيش الآن، والأرزاق بيد الله تعالى وقد قال تعالى: {سيجعل الله بعد عسر يسرًا} (الطلاق: 7)، وكما في الحديث: "لن يغلب عسر يُسرين"؛ لقوله تعالى: {فإن مع العسر يسرًا * إن مع العسر يسرًا} (الشرح: 5 - 6)؛ لما في تقرير العلماء أن المعرفة إذا تكررت كانت واحدة وأن النكرة إذا تكررت تعددت.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين