المشكلة أننا أسرة مكونة من 7 أفراد والوالد يعمل بالخليج منذ 25 عامًا ولي أخوان كفيفان بالجامعة وأخت مشلولة، والدي لا يصرف علينا كما يجب حيث إن مصروفه هناك يتضاعف عما يتركه هنا لنا، وكذلك فإنه يخرج سنويًّا زكاة مال أضعاف ما يصرف علينا بمراحل عديدة، في حين أن هذا المصروف لا يفي باحتياجاتنا ولا فائدة من الحوار معه في هذا الموضوع، وأنا مطلقة ولا أعمل، السؤال: هل يصح لي ولإخوتي ولأمي أن نأخذ من مال الزكاة أم ما هو الحل إذا كان لا يجوز؟ علمًا بأننا إذا أخذنا من هذا المال فسيكون ذلك بدون علم الوالد؟ أم هل يكون لنا حق في مال الزكاة التي يفرقها الوالد؟ مع مراعاة أنه لا يمكننا من أي مال آخر يمكن لنا أن نأخذ منه غير هذا الخاص؟؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول الشيخ جفعر الطلحاوي من علماء الأزهر الشريف:
أولاً: من الواجب على هذا الوالد أن يفي بمتطلبات حياة أولاده وزوجه أولاً، لنصوص كثيرة لذلك بشقي الوحي الكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} (البقرة: 233)؛ ولقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه لينفق مما آتاه الله} (الطلاق: 7)؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال امرأتك تقول إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الابن أطعمني إلى من تدعني".
ثانياً: يجوز لكم إذا تمكنتم من وضع أيديكم على بعض أموال الأب وممتلكاته، أن تأخذ والدتكم ما يكفيكم جميعًا بالمعروف وإن كان بغير علم والدكم، وذلك للحديث الصحيح لهند بنت عتبة عندما شكت شح زوجها أبي سفيان وتضييقه عليها وعلى أولادها في النفقة مع سعة فضل الله عز وجل عليه، أباح لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تأخذ ما يكفيها وأولادها بدون علم أبي سفيان بالمعروف أي غير مفسدة ولا مبذرة ونص الحديث: "قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح -والشح أشد خطرًا من البخل- فهل عليّ من جناح إن أخذت من ماله من غير علمه؟ قال: "خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف".
ثالثاً: أموال الزكاة لا يجوز أن يعطي شيء منها للأصول ولا للفروع -الأب والأم وإن علوا والفروع الابن والبنت وإن سفلا- للقاعدة: "كل من يجب عليك إعالته والإنفاق عليه، لا يجوز أن تعطيه زكاة مالك (أي الزكاة المفروضة)".
رابعاً: وعليه فإن حقكم ليس في الزكاة وإنما في أصل المال.
خامساً: عليكن بذل قصارى الجهد في التواصل مع الوالد لإيقافه على طبيعة الحياة وتكاليفها، وغلاء أسعار الأقوات الضرورية ولوازم المعيشة اليومية، فربما طول الأمد عليه في الإقامة في الخليج ينسيه طبيعة الحياة وأوضاعها المتجددة في بلده الأم، ثم إنه لتنائي المسافات وبعد الديار، حيث إنه يقيم في قارة وأنتم في قارة أخرى، يجعله ذلك لا يعايش واقعكم وحالكم، وعليه فإنه لا يشعر بمدى الحاجة إلى زيادة المصروف لمواجهة متطلبات الحياة.
سادساً: إن تعذر عليكم وصول أيديكم إلى أموال أخرى غير أموال الزكاة، وصدق وصفكم لحالكم في بخله وشحه عليكم، كان لكم استيفاء متطلبات الحياة من الأموال التي تصل إلى أيديكم باسم الزكاة في ظنه هو، ولكنها بالنسبة لكم نفقة واجبة عينية لإبراء ذمتكم أمام الله تعالى فهذا خير من أن تمدوا أيديكم إلى الناس أو أن تكونوا عالة على غيركم وعائلكم في يسر حال، وحسابه على الله على عدم وفائه لهذه الحقوق مع ضرورة التلطف كما قال تعالى: {وليتلطف...} (الكهف: 19)؛ لإشعاره بضرورة إعادة النظر في مقادير المصروفات من آن لآخر، وإلا استوفيتم حاجتكم الضرورية من أموال الزكاة.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين