سمعت أن البترول فيه زكاة ومقدارها الخُمُس، فهل هذا صحيح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فتجب الزكاة في النفط أو في عائداته إذا كان مملوكًا ملكية خاصة، سواءً كان ملكًا لأفراد أم لشركات.
وقد اختلف الفقهاء هنا في مقدار الواجب في الزكاة: أهو ربع العشر أي 2.5 % أم الخمس؟ أي عشرون بالمائة (20%).
أماالنفط الذي يكون مملوكًا للدولة فلم يقل أحد من علماء الفقه في عصرنا بزكاته، ولكن ذهب إلى ذلك بعض الباحثين الاقتصاديين المعنيين بالاقتصاد الإسلامي.
يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً:
بِناًء على عموم قوله تعالى ( يا أيُّها الَّذين آمنوا أنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ) (سورة البقرة: 267)، وعَلَى ما رواه الجماعة عن أبي هريرة أن النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم - قال: " والمَعْدِن جُبَار، وفي الرِّكاز الخُمُس" تحدَّث الفقهاء عما يوجد في باطن الأرض وحصل عليه الإنسان بدون بذْل مال أو جَهد، وأسمَوْه الرِّكاز وأوجبوا فيه الزكاة بمقدار الخُمُس، كما تحدَّثوا عن المعادن المستخْرَجة من الأرض بجهد كالذهب والبترول والكبريت، وأوجبوا فيها الزكاة على خلاف بينهم في أنواعها ومقدارها.
قال الشافعي ومالك لا زكاة إلا في الذهب والفِضة فقط.
قال أحمد بن حنبل: تجب الزَّكاة في كلِّ ما يُسْتَخَرج من الأرض حتى القَارّ والنِّفْط والكبريت، وخَصَّ أبو حنيفة الزكاة في الجامد الذي يَتَمَدَّد أَوْ يَذُوب بالنار كالحديد والذهب، أما المائع كالقارّ والنِّفْط فلا زكاة فيه، وكذلك ما لا يتمدد بالنار أو يذوب كالياقوت وكل ما يُسَمى بالأحجار الكريمة فلا زكاة فيه. والقَدْر الواجب في المَعْدِن عِنْد مَالك والشَّافعي وأحمد هو ربْع العُشْر عِنْد العُثور عليهن دون اشتراط لحَوَلان الحَوْل.
أما عند أبي حنيفة فهو الخُمُس، قلَّ أو كثر.
ثم إنَّ جمهور العلماء على أن الخُمُس إذا وجَب في الرِّكاز فهو على كل مَن وَجَدَه، سواء أكان مسلمًا أم غير مسلم، وقصره الشافعي على من توفَّرت فيه شروط الزَّكاة ويُصْرف في الوجوه التي تُصْرف فيها الزكاة، لكن الجمهور جعله كالْفَيْءِ، مستندًا في ذلك إلى أَثَرٍ عن عمر رضي الله عنه. بعد ذلك يُمْكن أن يُقال: إنَّ في البُتْرول زكاةً على رأي أحمد بن حنبل، ولا زكاة فيه عند بقية الأئمة، ولو كان تشريع الزكاة معمولاً به كبقية القوانين جاز لأولى الأمر أن يفرضوا عليه الزكاة، وبِخَاصة إذا كان له تأثير فعَّال في الاقتصاد القومي. وإذا كان الذي يملك البترول هم المسئولين - أي أنَّه ملك للدولة - فهل تجب الزكاة فيه؟
إن ما شُرِعَ بخصوص الرِّكاز والمعادن هو بالنسبة إلي الأفراد والشركات المستقلة، أما إذا كانت هي التي تملك البترول، فهو مالها الذي هو مال الشَّعب كلِّه يُنْفَقُ في مصالحه، ولا معنى لفرض زكاة عليه، فالزكاة من أجل الأصناف والمجالات التي تحتاج إليها، والمملوك للدولة داخل ضمن الميزانية العامة كمورد من الموارد التي تَصُب في بيت المال، أو خزانة الدولة يُتْرَك لولي الأمر التصرف فيه بما يُحَقِّقُ المصلحة المشروعة.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ عطية صقر